ـ عمار بن ياسر وعمرو:
اجتمع عمار بن ياسر مع عمرو بن العاص في المعسكر يوم صفين، فنزل عمار والذين معه فاحتبوا بحمايل سيوفهم فتشهد عمرو بن العاص (يعني قال : أشهد أن لا إله إلا الله) فقال عمار : اسكت فقد تركتها في حياة محمد ومن بعده، ونحن أحق بها منك، فإن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك، وإن شئت كانت خطبة فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك، وتكفرك قبل القيام، و تشهد بها على نفسك، ولا تستطيع أن تكذبني .
قال عمرو : يا أبا اليقظان ؟ ليس لهذا جئت إنما جئت لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم، أذكرك الله إلا كففت سلاحهم، وحقنت دمائهم وحرضت على ذلك فعلام تقاتلنا ؟ ! أو لسنا نعبد إلها واحدا ؟ ونصلي قبلتكم، وندعو ودعوتكم ؟ ونقرأ كتابكم ؟ ونؤمن برسولكم ؟ قال عمار : الحمد لله الذي أخرجها من فيك إنها لي ولأصحابي القبلة، والدين وعبادة الرحمن، والنبي والكتاب، من دونك ودون أصحابك، الحمد لله الذي قررك لنا بذلك دونك ودون أصحابك، وجعلك ضالا مضلا لا تعلم هاد أنت أم ضال، وجعلك أعمى، وسأخبرك على ما قاتلتك عليه أنت وأصحابك، أمرني رسول الله أن أقاتل الناكثين وقد فعلت، و أمرني أن أقاتل القاسطين فأنتم هم، وأما المارقين فما أدري أدركهم أم لا .
أيها الأبتر ؟ ألست تعلم أن رسول الله قال لعلي : من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ؟ ! وأنا مولى الله ورسوله وعلي من بعده وليس لك مولى .
قال له عمرو : لم تشتمني يا أبا اليقظان ؟ ولست أشتمك، قال عمار : وبم تشتمني ؟ أتستطيع أن تقول : إني عصيت الله ورسوله يوما قط ؟ قال له عمرو : إن فيك لمسبات سوى ذلك .
قال عمار : إن الكريم من أكرمه الله، كنت وضيعا فرفعني الله، ومملوكا فأعتقني الله، وضعيفا فقواني الله، وفقيرا فأغناني الله.
وقال له عمرو : فما ترى في قتل عثمان ؟ قال فتح لكم باب كل سوء .
قال عمرو : فعلي قتله .
قال عمار : بل الله رب علي قتله(31).
وروى نصر في كتابه ص 165 في حديث : فلما دنا عمار بن ياسر رحمه الله بصفين من عمرو بن العاص فقال : يا عمرو ؟ بعت دينك بمصر، تبا لك، وطال ما بغيت الاسلام عوجا .
ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 53 وزاد : والله ما قصدك وقصد عدو الله ابن عدو الله بالتعلل بدم عثمان إلا الدنيا .
عمرو في معترك القتال بصفين !!!
كان عمرو بن العاص عدو للحرث بن نضر الخثعمي، وكان من أصحاب علي عليه السلام، وكان علي قد تهيبته فرسان الشام وملأ قلوبهم بشجاعته وامتنع كل منهم من الإقدام عليه وكان عمرو ما جلس مجلسا إلا ذكر فيه الحرث بن نضر الخثعمي وعابه فقال الحرث :
ليس عمرو بتارك ذكـره الحرث * مدى الدهــــر أو يلاقي عــــليــا
واضع السيف فـــوق منكبه الاي * ـمن لا يحــــسب الفـوارس شيا
ليت عمرا يلقاه في حومة النقع * وقــــد أمست السيوف عــــصيا
حيث يدعو البراز حامية القــوم * إذا كــــان بــــالبــــراز مـــليــــا
فوق شهب مثل السحوق مــــن * النخل ينــــادي المبــارزين: إليّا
ثم يا عمرو تستريـح من الفخر * وتلقى بــــه فتــــى هــــاشمــــيا
فالقه إن أردت مكرمــــة الدهر * أو المــــوت كــــل ذاك عــــلــيا
فشاعت هذه الأبيات حتى بلغت عمرا فأقسم بالله ليلقين عليا ولو مات ألف موتة . فلما اختلطت الصفوف لقيه فحمل عليه برمحه فتقدم علي وهو مخترط سيفا، معتقل رمحا، فلما رهقه همز فرسه ليعلو عليه، فألقى عمرو نفسه عن فرسه إلى الأرض شاغرا برجليه، كاشفا عورته، فانصرف عنه علي لاقتا وجهه، مستدبرا له، فعد الناس ذلك من مكارم علي وسؤدده، وضرب بها المثل .
كتاب صفين لابن مزاحم ص 224، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 110 .
وقال ابن قتيبة في - الإمامة السياسة - 1 ص 91 : ذكروا أن عمرا قال لمعاوية : أتجبن عن علي وتتهمني في نصيحتي إليك ؟ ؟ ! ! والله لأبارزن عليا و لو مت ألف موتة في أول لقائه، فبارزه عمرو فطعنه علي فصرعه، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي وولى بوجهه دونه، وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد حياء وتكرما وتنزها عما لا يحل، ولا يجل بمثله كرم الله وجهه .
وقال المسعودي في مروج الذهب 2 ص 25 : إن معاوية أقسم على عمرو لما أشار عليه بالبراز إلى أن يبرز إلى علي فلم يجد عمرو من ذلك بدا فبرز، فلما التقيا عرفه علي وشال السيف ليضربه به فكشف عمرو عن عورته وقال : مكره أخوك لأبطل .
فحول علي وجهه وقال : قبحت .
ورجع عمرو إلى مصافه .
اجتمع عند معاوية في بعض ليالي صفين عمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة، ومروان بن الحكم، وعبد الله بن عامر، وابن طلحة الطلحات الخزاعي، فقال عتبة : إن أمرنا وأمر علي بن أبي طالب لعجيب، ما فينا إلا موتور مجتاح، أما أنا فقتل جدي عتبة بن ربيعة وأخي حنظلة وشرك في دم عمي شيبة يوم بدر، وأما أنت يا وليد ؟ فقتل أباك صبرا، وأما أنت يا ابن عامر فصرع أباك وسلب عمك، وأما أنت يا بن طلحة ؟ فقتل أباك يوم الجمل، وأيتم إخوتك، وأما أنت يا مروان، فكما قال الشاعر (32).
وأفــــلتهن عــــلباء جـــريضا * ولو أدركته صفر الوطاب (33)
فقال معاوية : هذا الاقرار فأي غير غيرت ؟ قال مروان : وأي غير تريد ؟ ! قال : أريد أن تشجروه بالرماح .
قال : والله يا معاوية ؟ ما أراك إلا هاذيا أو هاذئا وما أرانا إلا ثقلنا عليك .
فقال ابن عقبة :
يقول لنا معاوية بن حـــــرب * أما فيكم لواتــــركم طــــلوب ؟
يشد على أبي حسن عـلــــي * بأسمر لا تهجنــــه العكوب(34)
فيهتك مجمع اللبات منـــــــه * ونــــقع القوم مطــــرد يـــثوب
فقلت له :
أتلعــــب يـــا بـــــن هـــنـــد ؟ * كأنــك بـــيننا رجـل غـــريب
أتغـــرينا بحـــيــــة بطـــن واد * إذا نهـشــت فليس لها طبيب
وما ضبـــع يـــدب بــبطن واد * أتيح (35) له بـه أسد مهيب
بأضعـــف حيـــلة مــنا إذا ما * لقـــيناه ولقـــياه عجـــيــــب
دعـــا للقـاه في الهيجاء لاق * فأخــطأ نفسه الأجل القريب
ســـوى عمرو وقته خصيتاه * نجـــى ولقـــلبه منـه وجيب
كـــأن القـــوم لما عـــايــنوه * خـلال النقع ليس لهم قلوب
كعمرو أي معاوية بن حرب * وما ظني ستلحقـه العـــيوب
لقـــد نـــاداه في الهيجا علي * فـــأسمعـــه ولكــن لا يجيب
فغضب عمرو وقال : إن كان الوليد صادقا فليلق عليا، أو فليقف حيث يسمع صوته وقال عمرو:
يذكرني الــــوليد دعــــا علي * وبطن المرء يملأه الوعــــيد
متى يذكر مشــــاهـده قريش * يطــر من خوفه القلب الشديد
فأما في اللقاء فأيــــن مـــنه * معاويــــة بن حـــرب والوليد
وعير في الوليـــــد لقاء ليث * إذا ما زار (36) هابته الأسود
لقــــيت ولســـت أجهله عليا * وقد بلت من العلق اللبود(37)
فأطعنه ويطعنني خلاسا (38) * وماذا بعــــد طعــــنته أريــد ؟
فرمها أنت يا بن أبي معــيط * وأنت الفارس البطل النجيد(39)
وأقسم لو سمعت ندا عـــلي * لطار القلب وانتــــفخ الــــوريد
ولــــو لاقيــــته شقت جيوب * عليك ولطمت فيك الخــدود(40)
* (وفي رواية سبط ابن الجوزي) * : ثم التفت الوليد إلى عمرو بن العاص وقال : إن لم تصدقوني وإلا فسلوا.
أراد تبكيت عمرو، قال هشام بن محمد : ومعنى هذا الكلام : إن عليا خرج يوما من أيام صفين فرأى عمرو بن العاص في جانب العسكر ولم يعرفه فطعنه، فوقع، فبدت عورته، فاستقبل عليا فأعرض عنه ثم عرفه فقال: يا بن النابغة ؟ أنت طليق دبرك أيام عمرك، وكان قد تكرر منه هذا الفعل .
اجتمع عمار بن ياسر مع عمرو بن العاص في المعسكر يوم صفين، فنزل عمار والذين معه فاحتبوا بحمايل سيوفهم فتشهد عمرو بن العاص (يعني قال : أشهد أن لا إله إلا الله) فقال عمار : اسكت فقد تركتها في حياة محمد ومن بعده، ونحن أحق بها منك، فإن شئت كانت خصومة فيدفع حقنا باطلك، وإن شئت كانت خطبة فنحن أعلم بفصل الخطاب منك، وإن شئت أخبرتك بكلمة تفصل بيننا وبينك، وتكفرك قبل القيام، و تشهد بها على نفسك، ولا تستطيع أن تكذبني .
قال عمرو : يا أبا اليقظان ؟ ليس لهذا جئت إنما جئت لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم، أذكرك الله إلا كففت سلاحهم، وحقنت دمائهم وحرضت على ذلك فعلام تقاتلنا ؟ ! أو لسنا نعبد إلها واحدا ؟ ونصلي قبلتكم، وندعو ودعوتكم ؟ ونقرأ كتابكم ؟ ونؤمن برسولكم ؟ قال عمار : الحمد لله الذي أخرجها من فيك إنها لي ولأصحابي القبلة، والدين وعبادة الرحمن، والنبي والكتاب، من دونك ودون أصحابك، الحمد لله الذي قررك لنا بذلك دونك ودون أصحابك، وجعلك ضالا مضلا لا تعلم هاد أنت أم ضال، وجعلك أعمى، وسأخبرك على ما قاتلتك عليه أنت وأصحابك، أمرني رسول الله أن أقاتل الناكثين وقد فعلت، و أمرني أن أقاتل القاسطين فأنتم هم، وأما المارقين فما أدري أدركهم أم لا .
أيها الأبتر ؟ ألست تعلم أن رسول الله قال لعلي : من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ؟ ! وأنا مولى الله ورسوله وعلي من بعده وليس لك مولى .
قال له عمرو : لم تشتمني يا أبا اليقظان ؟ ولست أشتمك، قال عمار : وبم تشتمني ؟ أتستطيع أن تقول : إني عصيت الله ورسوله يوما قط ؟ قال له عمرو : إن فيك لمسبات سوى ذلك .
قال عمار : إن الكريم من أكرمه الله، كنت وضيعا فرفعني الله، ومملوكا فأعتقني الله، وضعيفا فقواني الله، وفقيرا فأغناني الله.
وقال له عمرو : فما ترى في قتل عثمان ؟ قال فتح لكم باب كل سوء .
قال عمرو : فعلي قتله .
قال عمار : بل الله رب علي قتله(31).
وروى نصر في كتابه ص 165 في حديث : فلما دنا عمار بن ياسر رحمه الله بصفين من عمرو بن العاص فقال : يا عمرو ؟ بعت دينك بمصر، تبا لك، وطال ما بغيت الاسلام عوجا .
ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 53 وزاد : والله ما قصدك وقصد عدو الله ابن عدو الله بالتعلل بدم عثمان إلا الدنيا .
عمرو في معترك القتال بصفين !!!
كان عمرو بن العاص عدو للحرث بن نضر الخثعمي، وكان من أصحاب علي عليه السلام، وكان علي قد تهيبته فرسان الشام وملأ قلوبهم بشجاعته وامتنع كل منهم من الإقدام عليه وكان عمرو ما جلس مجلسا إلا ذكر فيه الحرث بن نضر الخثعمي وعابه فقال الحرث :
ليس عمرو بتارك ذكـره الحرث * مدى الدهــــر أو يلاقي عــــليــا
واضع السيف فـــوق منكبه الاي * ـمن لا يحــــسب الفـوارس شيا
ليت عمرا يلقاه في حومة النقع * وقــــد أمست السيوف عــــصيا
حيث يدعو البراز حامية القــوم * إذا كــــان بــــالبــــراز مـــليــــا
فوق شهب مثل السحوق مــــن * النخل ينــــادي المبــارزين: إليّا
ثم يا عمرو تستريـح من الفخر * وتلقى بــــه فتــــى هــــاشمــــيا
فالقه إن أردت مكرمــــة الدهر * أو المــــوت كــــل ذاك عــــلــيا
فشاعت هذه الأبيات حتى بلغت عمرا فأقسم بالله ليلقين عليا ولو مات ألف موتة . فلما اختلطت الصفوف لقيه فحمل عليه برمحه فتقدم علي وهو مخترط سيفا، معتقل رمحا، فلما رهقه همز فرسه ليعلو عليه، فألقى عمرو نفسه عن فرسه إلى الأرض شاغرا برجليه، كاشفا عورته، فانصرف عنه علي لاقتا وجهه، مستدبرا له، فعد الناس ذلك من مكارم علي وسؤدده، وضرب بها المثل .
كتاب صفين لابن مزاحم ص 224، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 110 .
وقال ابن قتيبة في - الإمامة السياسة - 1 ص 91 : ذكروا أن عمرا قال لمعاوية : أتجبن عن علي وتتهمني في نصيحتي إليك ؟ ؟ ! ! والله لأبارزن عليا و لو مت ألف موتة في أول لقائه، فبارزه عمرو فطعنه علي فصرعه، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي وولى بوجهه دونه، وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد حياء وتكرما وتنزها عما لا يحل، ولا يجل بمثله كرم الله وجهه .
وقال المسعودي في مروج الذهب 2 ص 25 : إن معاوية أقسم على عمرو لما أشار عليه بالبراز إلى أن يبرز إلى علي فلم يجد عمرو من ذلك بدا فبرز، فلما التقيا عرفه علي وشال السيف ليضربه به فكشف عمرو عن عورته وقال : مكره أخوك لأبطل .
فحول علي وجهه وقال : قبحت .
ورجع عمرو إلى مصافه .
اجتمع عند معاوية في بعض ليالي صفين عمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة، ومروان بن الحكم، وعبد الله بن عامر، وابن طلحة الطلحات الخزاعي، فقال عتبة : إن أمرنا وأمر علي بن أبي طالب لعجيب، ما فينا إلا موتور مجتاح، أما أنا فقتل جدي عتبة بن ربيعة وأخي حنظلة وشرك في دم عمي شيبة يوم بدر، وأما أنت يا وليد ؟ فقتل أباك صبرا، وأما أنت يا ابن عامر فصرع أباك وسلب عمك، وأما أنت يا بن طلحة ؟ فقتل أباك يوم الجمل، وأيتم إخوتك، وأما أنت يا مروان، فكما قال الشاعر (32).
وأفــــلتهن عــــلباء جـــريضا * ولو أدركته صفر الوطاب (33)
فقال معاوية : هذا الاقرار فأي غير غيرت ؟ قال مروان : وأي غير تريد ؟ ! قال : أريد أن تشجروه بالرماح .
قال : والله يا معاوية ؟ ما أراك إلا هاذيا أو هاذئا وما أرانا إلا ثقلنا عليك .
فقال ابن عقبة :
يقول لنا معاوية بن حـــــرب * أما فيكم لواتــــركم طــــلوب ؟
يشد على أبي حسن عـلــــي * بأسمر لا تهجنــــه العكوب(34)
فيهتك مجمع اللبات منـــــــه * ونــــقع القوم مطــــرد يـــثوب
فقلت له :
أتلعــــب يـــا بـــــن هـــنـــد ؟ * كأنــك بـــيننا رجـل غـــريب
أتغـــرينا بحـــيــــة بطـــن واد * إذا نهـشــت فليس لها طبيب
وما ضبـــع يـــدب بــبطن واد * أتيح (35) له بـه أسد مهيب
بأضعـــف حيـــلة مــنا إذا ما * لقـــيناه ولقـــياه عجـــيــــب
دعـــا للقـاه في الهيجاء لاق * فأخــطأ نفسه الأجل القريب
ســـوى عمرو وقته خصيتاه * نجـــى ولقـــلبه منـه وجيب
كـــأن القـــوم لما عـــايــنوه * خـلال النقع ليس لهم قلوب
كعمرو أي معاوية بن حرب * وما ظني ستلحقـه العـــيوب
لقـــد نـــاداه في الهيجا علي * فـــأسمعـــه ولكــن لا يجيب
فغضب عمرو وقال : إن كان الوليد صادقا فليلق عليا، أو فليقف حيث يسمع صوته وقال عمرو:
يذكرني الــــوليد دعــــا علي * وبطن المرء يملأه الوعــــيد
متى يذكر مشــــاهـده قريش * يطــر من خوفه القلب الشديد
فأما في اللقاء فأيــــن مـــنه * معاويــــة بن حـــرب والوليد
وعير في الوليـــــد لقاء ليث * إذا ما زار (36) هابته الأسود
لقــــيت ولســـت أجهله عليا * وقد بلت من العلق اللبود(37)
فأطعنه ويطعنني خلاسا (38) * وماذا بعــــد طعــــنته أريــد ؟
فرمها أنت يا بن أبي معــيط * وأنت الفارس البطل النجيد(39)
وأقسم لو سمعت ندا عـــلي * لطار القلب وانتــــفخ الــــوريد
ولــــو لاقيــــته شقت جيوب * عليك ولطمت فيك الخــدود(40)
* (وفي رواية سبط ابن الجوزي) * : ثم التفت الوليد إلى عمرو بن العاص وقال : إن لم تصدقوني وإلا فسلوا.
أراد تبكيت عمرو، قال هشام بن محمد : ومعنى هذا الكلام : إن عليا خرج يوما من أيام صفين فرأى عمرو بن العاص في جانب العسكر ولم يعرفه فطعنه، فوقع، فبدت عورته، فاستقبل عليا فأعرض عنه ثم عرفه فقال: يا بن النابغة ؟ أنت طليق دبرك أيام عمرك، وكان قد تكرر منه هذا الفعل .